ربما يكون الرئيس الامريكي باراك اوباما يمهد الطريق للتخلي عن مسعاه لتجميد فوري للاستيطان الاسرائيلي ويحاول بدلا من هذا ادخال اسرائيل والفلسطينيين مباشرة الى مفاوضات سلام.واثارت النتائج المحدودة التي خرجت بها القمة بين باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء في الامم المتحدة ، شكوكا حول قدرة الرئيس الاميركي على احراز تقدم في مبادرته للسلام في الشرق الاوسط.وخرج اوباما من المحادثات مع المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين دون الوصول الى مجموعة الخطوات المرتبة التي كان يأمل أن تسمح له باعلان استئناف لمفاوضات السلام المجمدة . وبدلا من هذا اقتصر حديثه على تأكيد مدى حاجة انهاء الصراع المستمر منذ ستة عقود ، حاثا نتنياهو و عباس على اظهار "المرونة والتفكير السليم وحس التسوية".ويقول محللون ان النتيجة تشير الى الحدود التي تقيد محاولة اتخاذ خطوات لبناء الثقة مقدما وربما تنبيء بمسعى لخوض مفاوضات كاملة النطاق مباشرة على الرغم من ان ايا من الجانبين لا يبدو مستعدا لها.وقال دانييل كيرتزر وهو دبلوماسي امريكي متقاعد عن محاولة اوباما اقناع اسرائيل والفلسطينيين والدول العربية بالقيام بلفتات متبادلة قبل استئناف المحادثات "من الواضح أنها قضية خاسرة".وتريد واشنطن من اسرائيل وقف كل أشكال الاستيطان ومن الفلسطينيين وقف المقاومة ومن الدول العربية اتخاذ اجراءات نحو التطبيع مع اسرائيل. غير ان هذه الامور لم تطرح في القمة . ويختلف الجانب الفلسطيني و الاسرائيلي على نقطة البداية لاي مفاوضات مستقبلية بشأن القضايا الاساسية مثل الحدود ومستقبل القدس واقامة دولة فلسطينية.ويصر عباس أن يبدأ نتنياهو من حيث انتهى سلفه ايهود اولمرت الذي اقترح تسويات كبيرة تتصل بالارض بعد عام من المفاوضات غير الناجحة. ويقول نتنياهو انه ليس ملزما بموقف الحكومة السابقة .وقال كيرتزر وهو سفير سابق للولايات المتحدة في اسرائيل "انهم يحاولون التعامل بدهاء مع قضية المستوطنات الان... بما أنهم لم يستطيعوا الوصول الى اتفاق لتجميد بناء المستوطنات بطريقة جادة فانهم سيتركونها هكذا كخلاف بيننا وليس كحجر عثرة او عائق في طريق المفاوضات".وبدا المسؤولون الاسرائيليون سعداء بأن اوباما لم يقل الا أن على اسرائيل"تقييد" بنائها للمستوطنات ، وحين سأله الصحفيون ما الذي يعنيه اوباما بالتقييد رد نتنياهو قائلا "اسألوا الامريكيين".بدوره ، وصف المبعوث الامريكي للشرق الاوسط جورج ميتشل الاجتماع بأنه كان "صريحا من جميع الاطراف" لكنه اشار ايضا الى ان تجميد الاستيطان ليس ضروريا لاستئناف محادثات السلام. واضاف "نحن لا نعرف أي قضية على أنها شرط مسبق أو عقبة أمام المفاوضات".ورفض نتنياهو وقفا كاملا للبناء داخل المستوطنات القائمة قائلا ان احتياجات "النمو الطبيعي" للمستوطنين يجب ان توضع في الاعتبار. و في المقابل ، اظهرت السلطة الفلسطينية تشددا حول تجميد الاستيطان. وقال الرئيس الفلسطيني "طالبنا وأكدنا (خلال القمة) على ضرورة أن ينفذ الجانب الإسرائيلي التزاماته وبشكل خاص وقف كل أشكال الاستيطان بما في ذلك النمو الطبيعي".وحول استئناف المفاوضات ، اوضح عباس "انها تتوقف ايضا على ان يكون هناك تحديد كامل لمرجعية العملية التفاوضية بمعنى اوضح ان يكون هناك اساس لهذه العملية بالاعتراف بالانسحاب الى حدود الرابع من حزيران1967 وانهاء الاحتلال".وتابع الرئيس الفلسطيني ان ذلك جاء "لاننا سبق وتفاوضنا عليه مع الحكومة السابقة عندما وصلنا الى تحديد حدود الاراضي المحتلة بانها الضفة الغربية وغزة بما في ذلك القدس الشريف بما فيها البحر الميت بما فيها حوض نهر الاردن بما فيها الارض التي تسمى الارض الحرام".ومع تمسك كل جانب بموقفه فان اجتماع نيويورك لم يسفر عن التحول الدبلوماسي الذي كان البيت الابيض يأمل ان يحققه يوما. واعتبر المحللون انه بالنسبة لاوباما فان السؤال حول ما اذا كان سيواصل مبادرته للدفع في سبيل السلام في الشرق الاوسط ام لا ، اصبح مطروحا. واعتبر آرون ديفيد ميلر من مركز الدراسات "وودرو ويلسون" ان "ادارة اوباما لم تعد تملك اوراقا رابحة لاطلاق مفاوضات فعالة والاستمرار بها".واضاف هذا المتخصص في شؤون الشرق الاوسط ان "لحظة القرار تقترب بخصوص ما اذا يجب بذل جهود اكبر لمحاولة حل الخلافات حول المواضيع الرئيسية او الاكتفاء بادارة الوضع".