كدت منظمة المؤتمر الإسلامي أن الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية اتفقتا سويا على قرار الأمم المتحدة بتأجيل التصويت على تقرير القاضي ريتشارد غولدستون الخاص بالحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة. لكن مصادر السلطة نفت أن تكون طلبت التأجيل.
وقال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو إن التأجيل جاء بناء على اتفاق أميركي مع السلطة الفلسطينية قبلت به منظمة المؤتمر الإسلامي.
لكن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات نفى في تصريحات نقلتها الجزيرة أن تكون السلطة طلبت سحب القرار.
من جهته اعتبر دكتور غسان الخطيب مدير المركز الإعلامي الحكومي الفلسطيني في اتصال مع الجزيرة تأجيل القرار مخيبا للآمال بالنسبة للفلسطينيين سواء كانوا مسؤولين أو على المستوى الشعبي.
خريشة: الفلسطينيون ليس لديهم الحق من الأساس بطلب سحب القرار (رويترز-أرشيف)
الأطراف الصديقة
ونفى الخطيب أن تكون السلطة الوطنية طلبت تأجيل القرار، وإنما الأطراف الصديقة التي تتعاون مع الجانب الفلسطيني هي التي ارتأت أن من المصلحة تأجيل التصويت. وقال الخطيب إنه لا يستبعد وجود ضغوط لكنها لم تكن مقتصرة على الجانب الفلسطيني فقط وإنما على الأطراف الأخرى.
أما أمين سر المجلس التشريعي الفلسطيني محمود الرمحي نفى أن تكون الدول العربية طلبت التأجيل، مؤكدا أن من طلب تأجيل التصويت هو السلطة الفلسطينية.
وقال للجزيرة إن محاولة التبرير بأن الدول العربية هي من أراد ذلك أمر "غير صحيح"، واعتبر طلب السلطة تأجيل إصدار القرار "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني وتنكر لدماء وجرحى غزة".
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد قرر تأجيل التصويت على تقرير القاضي غولدستون الخاص بالحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة إلى الدورة المقبلة التي تبدأ في مارس/آذار المقبل. وكان من المقرر أن يصوت المجلس الجمعة على قرار يدين تقاعس إسرائيل عن التعاون مع فريق الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم الحرب.
رؤية أميركية
وبرر مايكل بوسنر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية التأجيل بتأثيره على محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
كلينتون اتصلت بعباس بشأن رفض التقرير وفق مصادر فلسطينية (الأوروبية-أرشيف)
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول فلسطيني قوله إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا طالبوا السلطة الفلسطينية بدعم التأجيل. وقال بوسنر إن السلطة وافقت وسئل عما إذا كانت هذه الخطوة تهدف إلى حماية إسرائيل فقال "أعتقد أنها في مصلحة الجميع".
من جانبه قال المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم خريشة إن الفلسطينيين ليس لديهم الحق من الأساس بطلب سحب القرار، مفسرا ما جرى بأنه كان نتيجة اتفاق دول أفريقية وعربية وإسلامية على تأجيل النظر في القرار لدورة المجلس المقبلة.
وفي إشارة إلى الضغوط الأميركية, نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خريشة قوله "نحن لا نريد أن نضع العقبات أمامهم", في إشارة إلى تحذيرات من واشنطن بتعثر عملية السلام.
ضغوط وفجوة
وكانت مصادر فلسطينية مطلعة قد كشفت للجزيرة نت أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تلقى خلال اليومين الأخيرين اتصالين من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي دعته إلى عدم الموافقة على ما جاء في التقرير بدعوى أنه "سيعمق الفجوة التي قل اتساعها مؤخرا مع الإسرائيليين".
وحسب المصادر تعرض عباس لضغوط شديدة من رئيس حكومة تصريف الأعمال سلام فياض لدفعه للموافقة على سحب الإقرار الفلسطيني الذي يعني اعتماد التقرير وبدء الإجراءات العملية لتنفيذ توصياته.
ووفقا للمصادر تذرع فياض بالوضع الاقتصادي وإمكانية عرقلة عمل شركة اتصالات فلسطينية جديدة واستغلال إسرائيل والإدارة الأميركية للموافقة الفلسطينية على التقرير بغية التراجع عن تعهدات بالعمل على تسوية سلمية للصراع.
مشعل: من العار أن يدعو صوت فلسطيني لتأجيل القرار (الفرنسية)
الاحتلال والعار
وفي التطورات قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن من العار أن يدعو صوت فلسطيني لتأجيل النظر في نتائج لجنة التحقيق في حرب غزة التي رأسها المبعوث الدولي غولدستون.
واتهم فوزي برهوم المسؤول في حركة حماس الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمحاولة إنقاذ إسرائيل من مشاهدة قادتها يمثلون أمام المحاكم الدولية. وقال برهوم إن حماس تصر على وقوف "قادة الاحتلال" أمام المحاكم الدولية مجرمي حرب وأن أي شخص يحاول منع حدوث ذلك سيعد شريكا في الجريمة.
من جهته قال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني إن تقرير غولدستون لم يسحب وإنه لا يزال على جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان وقال "لقد تأجل فحسب".
تان نيابة عن الدول العربية والإسلامية والأفريقية الراعية للقرار من المجلس رسميا تأجيل التصويت على نص القرار حتى موعد انعقاد الجلسة الاعتيادية التالية للمجلس في مارس/آذار.
بدورها حذرت الحكومة الفلسطينية المقالة بقطاع غزة من أن تجاهل الأمم المتحدة لتقرير غولدستون وعدم البناء عليه سيشكل تمهيدا لحرب جديدة بغطاء دولي. وطالب الناطق باسم الحكومة المقالة طاهر النونو في بيان المجتمع الدولي بوقف ما سماه سياسة الازدواج.
"
يطالب تقرير غولدستون مجلس الأمن برفع الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا لم تحقق السلطات الإسرائيلية أو الفلسطينية المشتبه بتورطهم في الجرائم وتقديمهم للقضاء خلال ستة أشهر
"
اتصالات وانتقاد
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد قالت مساء أمس إن السلطة الفلسطينية قررت سحب دعمها لمشروع القرار. ومارست إسرائيل الأيام الماضية ضغوطا مناهضة للتقرير, وصعدت من الانتقاد العلني له ووصفته بأنه غير متوازن ومنحاز.
وكان التقرير الذي يتهم كلا من إسرائيل وحركة حماس بارتكاب جرائم حرب من المفترض أن يحال لمجلس الأمن الدولي. ويدعو غولدستون مجلس حقوق الإنسان المؤلف من 47 دولة لتبني التقرير الذي انتهى إلى "ارتكاب الجيش الإسرائيلي والنشطاء الفلسطينيين لجرائم حرب".
كما يطالب غولدستون مجلس الأمن برفع الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إذا لم تحقق السلطات الإسرائيلية أو الفلسطينية على حد سواء مع المشتبه بتورطهم في تلك الجرائم وتقديمهم للقضاء خلال ستة أشهر.