الطيب صالح أنجز ستة أعمال روائية وعشرات المقالات
محمد العلي-الجزيرة نت
استحوذ الكاتب السوداني الطيب صالح خلال حياته, على مكانة لدى محبي أدبه -لم يسبقه إليها روائي عربي آخر- لذا لم يجد هؤلاء أي مبالغة في تتويج النقاد العرب الكبار له كـ"عبقري الرواية العربية".
كيف لا؟ وهو الروائي العربي الوحيد الذي ترجمت أشهر رواياته "موسم الهجرة إلى الشمال" إلى أكثر من عشرين لغة. وهو الذي بقي مقلا في الكتابة الروائية, مفضلا الانصراف عنها إلى أجناس أخرى كالمقالة والسيرة. وقال في ذلك في إحدى ندواته بالقاهرة "لستُ حقلاً بوراً كما يتصوّرني النقاد".
"
بقي صالح مقلا في الكتابة الروائية, مفضلا الانصراف عنها إلى أجناس أخرى كالمقالة والسيرة. وقال في ذلك في إحدى ندواته بالقاهرة "لستُ حقلاً بوراً كما يتصوّرني النقاد"
"ولد الطيب محمد صالح أحمد عام 1929 في مركز مروي التابع لإحدى مديريات شمالي السودان. وفي قريته المسماة كرمكول أمضى طفولته وتلقى تعليمه الأول. وقد حمل قيم تلك القرية ومواصفاتها إلى الخرطوم ثم إلى أوروبا وحافظ عليها حتى مماته في 18 فبراير/شباط الجاري، على ما قال أحد محبيه من السودانيين.
انتقل صالح إلى بورسودان شرقي السودان حيث درس المرحلة الوسطى وجاء إلى الخرطوم آخر أربعينيات القرن الماضي حيث درس المرحلة الثانوية بمدرسة وادي سيدنا ثم بحنتوب قرب مدينة ود مدني، ثم التحق بجامعة الخرطوم لدراسة العلوم الطبيعية حيث حصل على درجة البكالوريوس. وعمل مدرساً في مدرسة الشيخ رضا وفي بخت الرضا شمال الخرطوم على ما يقول أحد متابعي سيرته.
الهجرة
عام 1953 هاجر صالح إلى لندن محولا اختصاصه من العلوم الطبيعية إلى "الشؤون الدولية". وفيها عمل في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية BBC وترقى لاحقا ليصبح رئيسا لقسم الدراما.
وفي ذات العام كتب أول نص قصصي له بعنوان "نخلة على الجدول" وأذاعه عبر الإذاعة ذاتها. وأعقبه بـ"دومة ود حامد" العمل الذي يتناول حياة قرويين سودانيين يتمسكون بأرضهم وقيمهم. ونُشر العمل في العام 1960 بمجلة "أصوات" المتخصصة بالثقافة في لندن، وقد قام محرر المجلة المستشرق ديفد جونسون بترجمتها.
تشير بعض المعلومات إلى أن الطيب صالح بدأ بكتابة رواية موسم الهجرة إلى الشمال أثناء إجازة في الجنوب الفرنسي عام 1962، وانقطع عنها أربع سنوات، ثم أنجزها لتنشر في مجلّة "حوار" البيروتية عام 1966 وأعادت دار العودة نشرها في بيروت ثم نشرتها سلسلة "الهلال" بالقاهرة.
ورأى بعض الكتاب أن "موسم الهجرة إلى الشمال" طرحت قضية العلاقة بين الشمال والجنوب والإسلام والغرب بشخص مصطفى سعيد الذي غزا بريطانيا بعلمه وفحولته, قبل أن يطرحها المفكر الأميركي المثير للجدل صموئيل هنتغنتون بعشرات السنين.
غطت شهرة هذه الرواية على روايته الأولى عرس الزين التي كتبت عام 1962 واستمرت مخيمة على باقي أعماله الأخرى التي صدرت في سبعينيات القرن العشرين. لكن "عرس الزين" حصلت على بعض الاهتمام عندما حولها المخرج الكويتي خالد الصديقي إلى فيلم يحمل الإسم ذاته, جرى عرضه في مهرجان كان عام 1974.
"
أثناء إقامته في لندن -التي كان يعود إليها من رحلاته الكثيرة- اشتغل الطيب صالح بالكتابة الصحفية حيث شارك بمجلة «المجلة» العربية الأسبوعية عبر زاوية ثابتة على مدى عشرة أعوام سماها «نحو أفق بعيد»
"على مستوى حياته الشخصية تزوج الطيب صالح في لندن من بريطانية وأنجب منها زينب وسميرة وسارة.
العودة
عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية، حيث اشتهر بسرده لسيرة ابن هشام في برنامج "سيرة ابن هشام" وبتقديم مقابلات مع رواد سودانيين في الأدب والفن.
هاجر إلى دولة قطر حيث عمل في وزارة إعلامها وكيلا ومشرفا على أجهزتها. وبعدها عمل الطيب صالح مديرا إقليميا بمنظمة اليونيسكو في باريس، وممثلا لهذه المنظمة في الخليج العربي بين عامي 1984 و1989.
أثناء إقامته في لندن -التي كان يعود إليها من رحلاته الكثيرة- اشتغل الطيب صالح بالكتابة الصحفية حيث شارك بمجلة "المجلة" العربية الأسبوعية عبر زاوية ثابتة على مدى عشرة أعوام سماها "نحو أفق بعيد". تناول فيها قضايا وهموم الكتابة بأجناسها المختلفة بقدر كبير من الجدية والرصانة.
لم يعد الطيب صالح إلى كرمكول -حسب ما تشير كل المصادر- منذ هجرها قبل ثمانين عاما لكنها بقيت حاضرة كقيمة في أدبه أكثر من أي أديب آخر