حنبعل برقا الشهير هانيبال أو هانيبعل أو حنا بعل هو من أعظم القادة العسكريين في التاريخ. اكتسح شمال أفريقيا و اسبانيا و فرنسا وسويسرا و إيطاليا و حاصر روما 15 عاما و كادت تسقط لولا أن قامت عليه ثورة في قرطاج في القرن الأول قبل الميلاد
ولد بقرطاج سنة 247 قبل الميلاد، ورافق وهو في التاسعة من عمره والده أميلكار برقا في اسبانيا. وفي سنة 221 اختاره الجنود قائدا بعد اغتيال صدربعل زوج أخته صلامبو، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على كامل شبه الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك إحدى المحميات الرومانية. وقد رأت روما في ذلك خرقا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها حنبعل، وقد كان رفض هذا الطلب سببا في اندلاع الحرب البونيقية الثانية بين سنتي 218 و201 قبل الميلاد.
زحفه على روما
بدأ حنبعل زحفه على روما سنة 218 قبل الميلاد حين غادر مدينة قرطاجنة بإسبانيا بجيش قوامه 40.000 جندي، فعبر جبال البيريني وجبال الألب خلال 15 يوما رغم صعوبة الطريق وهجومات القبائل المعادية، استطاع إلحاق هزائم كبيرة بالقوات الرومانية في العديد من المعارك، أشهرها معركة كاناي والتي مني الروم فيها بخسائر بشرية كبيرة لتتواصل سيطرته بعد ذلك على العديد من المقاطعات الرومانية حتى سنة 211 قبل الميلاد، حين حاصر عاصمة الامبراطورية دون أن يستطيع اختراق تحصيناتها، بعد أن رفض حلفاؤه مده بالتعزيزات اللازمة.
وفي سنة 202 قبل الميلاد، شنت روما بقيادة شيبون الإفريقي هجوما على قرطاج، فلاقاه حنبعل في منطقة زامة، إلا أن جنوده حديثي العهد بالقتال فروا من ساحة المعركة تاركين الجنود المتمرسين يواجهون الرومان بمفردهم، فأبيد عدد كبير منهم، واستسلمت قرطاج لتنتهي بذلك الحرب البونيقية الثانية.
كان حنبعل أسطورة حيث جمع جيشا جرارا لمواجهة الإمبراطورية الرومانية الطاغية أنذاك فقطع جبال الألب في الشتاء القارس مما أدى إلى موت نصف جيشه بكثرة الثلوج والإنزلاقات والجوع مستعينا في زحفه بجمع بعض الأفراد من القبائل المعادية وقد استعمل الفيلة في نقل المؤونة حيث كان حنبعل مثالا للقائد العظيم والمتواضع في آن واحد، لم تكن له خيمة تميزه عن باقي الأفراد.
عندما وصل إلى روما لم يبق من جيشه سوى مايقارب العشرين ألف جنديا مما إستصغر شأنه في أعين الرومان فجمعوا له مايفوق 80000 جندي لستئصاله فلما ألتقى الجمعان قرب نهر عمل حنبعل إلى خطة حربية تمكن من خلالها من إغراق الجيش بأكمله بعد أن هزمهم مرة ثانية بإسلوب مغاير.
بادر حنبعل بعد انتهاء الحرب إلى العمل على تطوير قرطاج، فعدل الدستور وقاوم الفساد وسعى إلى تعزيز موارد الدولة، إلا أن روما رأت في ذلك إعدادا لحرب أخرى، فعملت على إبعاده، وهو ما كان لها إذ لجأ القائد العظيم إلى ملك سوريا الذي كان بدوره في حرب مع روما إلا أن هزيمة الأخير سنة 190 ق.م جعلت حنبعل ينتقل نحو شمالي البلاد بلاد الأناضول وهناك وضع عبقريته في خدمة ملكها إلا أن هذا الأخير رضخ لضغوطات روما التي لم تكف عن ملاحقة غريمها القديم وأرسلت في طلبه، وحين أيقن حنبعل بحتمية وقوعه أسيرا، آثر الانتحار مقدما آخر درس له في رفض الإهانة والتعلق بالحرية. ولم يدخل روما.
من أفكار حنبعل
عندما حاول حنبعل قطع جبال الآلب عمد إلى دهن أجسام جيوشه الزيت كي تبقى أجسادهم دافئة .
هيئة أركان جيشه
كانت هيئة أركان جيشه تتكون من: هانو بن هاملقار ، و مهر بعل (مار بال)لأمازيغي (البربري) قائد سلاح الفرسان النوميديين المسن، الذي تقلد هذه القيادة منذ عهد والد حنا بعل هملقار برقه، ويكن له حنا بعل حبا فائقا، و هيرت ، و سينهالوس المصري كبير الأطباء، والاغريقيين سوسيلوس ، و وسلينوس ، و بوح الهندي منجم الحملة، والاسبرطي سوسيليوس الذي علم حنا بعل اليونانية.
غزو روما و عبور جبال الألب
في سنة 218 ق.م قرر حنا بعل التقدم بجيشه بعد أن ترك شقيقه صدر بعل (هزدروبال) علي رأس ولاية قرطاجنة باسبانيا التي كانت تابعة لامبراطورية قرطاج.
وقد قرر حنا بعل الاسراع في بدء حملته البرية، بعد أن وصلته أنباء من جواسيسه بأن الرومان يستعدون لتطبيق خطة بنقل الحرب الي أفريقيا في عقر دار قرطاج.
كان حنا بعل يقول لقادة أركان جيشه: في حالة وصولنا لنهر البو قبل فوات الأوان، نستطيع أن نمسك بتلابيب جيوش الغزو الرومانية داخل إيطاليا نفسها، فلا تصبح مدينة قرطاج ميدانا للحرب، وحينئذ تقع تكاليف الحرب ولأول مرة، علي الرومان وعلي بلادهم فيكتوون بآلامها، ويحرقون بنارها.. فالسرعة ثم السرعة.
وتقدم حنا بعل الذي يحب دائما ترديد قول القنصل الروماني جيولاس: اما أن تقهر عدوك، واما أن تقبل مصير المقهورين . وتمكن من عبور جبال الألب بجيش قوامه ثلاثون ألفالألب في خمسة عشر يوما، مات جزء من جيشه في الطريق، وبقي قسمه الأكبر.
معركة تسينو
وخاض حنا بعل أول معركة وهي معركة تسينو التي دارت علي شواطئ نهر تسينو. حسمها حنا بعل لصالحه بخطة سريعة لعب فيها الفرسان الأمازيغ ـ البربر دورا حاسما عندما طوقوا من الخلف كتائب الرومان الثقيلة بحيث لم تصمد برماحهم الطويلة أمام حراب الأمازيغ القصيرة والخفيفة والنافذة، وما هي الا لحظات حتي سقط القنصل ببليوس قائد الجيش تحت سنابك خيل هؤلاء الفرسان المردة. عاد هذا القنصل لروما جريحا وهو يردد لخاصته كيف وقع من صهوة جواده وسط فرسان غرباء لم ير مثلهم في حياته من قبل في سرعة الكر والفر ، ويقصد الفرسان النوميديين الأمازيغ ـ البربر.